حقيقة أن مناقشة نظرية التطور تثير الجدل الذي يجعل الكثيرين يفكرون ملياً قبل الخوض في مثل هذا النقاش أو حتى الكتابة عنه، تجنباً لأي نوعٍ من الاتهامات الناتجة عن سوء الفهم لتلك النظرية. لذا في هذا التقرير سأستعرض النظرة الحقيقية التي يجب وضعها في الاعتبار عند مناقشة التطور من مفهوم العلم، والدين، والمجتمع، عن طريق توضيح الأخطاء الشائعة والمرتبطة بتلك النظرية، بالإضافة الى بعض الحقائق والتوضيحات الخاصة بها.
تاريخ التطور
لا يُعدّ داروين أول من تحدّث عن التطور “بمعناه عدم ثبات الأنواع”، بل سبقه الكثيرين ابتداءً من فلاسفة الإغريق، حيث اقترح أنكسماندر أن الحياة نشأت في البحار ثم انتقلت الى الأرض، كذلك قدمت الفلسفة التاوية في الصين القديمة رؤية تقوم على عدم ثبات الأنواع وتكيفها مع البيئة.
أما الرومان فقد تحدثوا عن التطور أيضاً، كما ظهر في بعض قصائدهم وكتبهم الحديث عن تطور الكون والأرض والكائنات والمجتمعات البشرية بصورة ماديّة أثرت على فلاسفة وعلماء عصر النهضة وما بعده. أيضاً تعرض القديس والمفكر أوغسطين لقضية عدم خلط الأوراق بين الدين والعلم، حيث اقترح عدم التعامل الحرفي في قضية الخلق كما جاءت في سفر التكوين وقبل التحول في أشكال الكائنات.
أما في العصور الوسطى التي تمثل العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، فقد كانت الأفكار التطورية تُدّرس في المدارس الإسلامية. ويرى بعض العلماء مثل “جون وليام درابر” أنه من المحتمل أن أعمال المسلمين في التطور قد أثرت على لامارك وداروين.
على سبيل المثال، قدّم “الجاحظ” فكرة متكاملة عن التطور من خلال كتابه “الحيوان”. حيث أوضح تأثير البيئة على فرصة بقاء الحيوانات، ووصف ما يُطلق عليه الآن الصراع من أجل البقاء والانتخاب الطبيعي. أيضاً قام “ابن مسكويه الفارسي” في “الفوز الأصغر”، و إخوان الصفا في “رسائل إخوان الصفا” بتقديم صورة متكاملة عن العلاقة التصاعدية المترابطة بين الكائنات الحية وبين عالم الجماد والمعادن.
و عموما
ظرية التطور بمختصر الكلام , هي أن الكائنات الحية جميعاً ومن دون استثناء نتجت و"تطورت" عن الكائن الأحادي الخلية , وهذا الأمر لم يتم بين ليلة وضحاها بالطبع , بل عبر ملايين السنين , ونتج ذلك عبر إنشطار البكتيريا وتكاثرها بلايين المرات , وتهيئة الظروف الموضوعية لهذه البكتيريا لتتشكل وتكون هذا الكائن الأحادي الخلية , ومنه نتجت جميع الكائنات الحية ومنها نحن البش